الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: مرآة الجنان وعبرة اليقظان في معرفة حوادث الزمان وتقليب أحوال الإنسان وتاريخ موت بعض المشهورين من الأعيان **
فيها وقيل في التي قبلها وقيل في التي بعدها توفي الشيخ الكبير العارف بالله الشهير أبو سعيد أحمد بن عيسى الخزاز من أهل بغداد صحب ذا النون وأبا عبد الله التستري والسري وبشر أو غيرهم. قال رحمة الله عليه: كل باطن يخالفه ظاهره فهو باطل.وقال: رأيت إبليس في النوم وهو يمر عني ناحية فقلت: تعال فقال: أي شيء أعمل بكم أنتم طرحتم عن نفوسكم ما أخادع به الناس. قلت: وما هو. قال: الدنيا. فلما ولى عني التفت إلي وقال: غير أن لي فيكم لطيفة. قلت: وما هي. قال: صحبة الأحداث. وقال: صحبت الصوفية ما صحت فما وقع بيني وبينهم خلاف. قالوا: لم. قال: لأني كنت معهم على نفسي. وقال: مررت بشاب ميت في باب بني شيبة ونظرت في وجهه فتبسم فقلت: يا حبيبي. أحياة بعد الموت. فقال: أما علمت يا أبا سعيد أن الأحباء أحياء وإنما ينقلون من دار إلى دار. قيل: وهو أول من تكلم في علم الفناء والبقاء. وقال الجنيد: لو طالبنا الله تعالى بحقيقة ما عليه أبو سعيد الخزاز لهلكنا. وقيل لبعض المشايخ: إن أبا سعيد الخراز كان كثير التواجد عند الموت فقال: لم يكن بعجيب أن تطير روحه اشتياقاً وكان رضي الله تعالى عنه ينشد أبياتاً ترجمتها: فأجسادهم في الأرض قتلى بحبه وأرواحهم في الحجب نحو العلى تسري قلوبهم جوالة بمعسكر به أهل ود الله كالأنجم الزهر وفي سنة الست المذكورة توفي محمد بن وضاح محدث قرطبة الإمام الحافط. وقيل: في التي قبلها.
فيها قصدت طيىء ركب العراق في رجوعه من الحج ليأخذه كالعام الماضي وكانوا في ثلاثة آلاف وأمير الحجاج أو الأغر فواقعوهم يوماً وليلة والتحم القتال وجندلت الأبطال ثم أيد الله الوفد وقتل رئيس طيىء صالح بن مدرك وجماعة من أشراف قومه وأسر خلق وانهزم الباقوق ثم دخل الركب بالأسرى والرؤوس على الرماح ببغداد. وفيها سار العباس الغنوي في عسكر فالتقى القرمطي فأسر العباس وانهزم عسكره وقيل: بل أسر سائر العسكر وضربت رقابهم وأطلق العباس وحده فجاء إلى المعتضد برسالة القرمطي أن: كف عنا واحفظ حرمتك. وفيها توفي الإمام الحافظ أبو بكر بن عمرو بن عاصم الضحاك الشيباني البصري قاضي أصبهان صاحب المصنفات. وأبو سعيد الهروي الحافظ شيخ هراة ومحدثها وزاهدا.
فيها توفي مفتي بغداد الفقيه الإمام أبو القاسم عثمان بن سعيد البغدادي الأنماطي صاحب المزني. وهو الذي نشر مذهب الشافعي ببغداد وعليه تفقه أبو العباس بن شريح. وفيها توفي الحاسب الحكيم ثابت بن قرة الحراني. كان في مبتدأ أمره صيرفياً بحران ثم انتقل إلى بغداد واشتغل بعلوم الأوائل فمهر فيها وبرع في الطب وكان الغالب عليه الفلسفة. وله تآليف كثيرة في فنون من العلم مقدار عشرين تأليفاً. وهذب " كتاب إقليدس " الذي عربه حنين بن إسحاق العبادي ونقحه وأوضح منه ما كان مستعجماً. وكان من أعيان عصره في الفضائل. وجرى بينه وبين أهل مذهبه أشياء أنكروها عليه في المذهب فرفعوه إلى رئيسهم فأنكر عليه مقالته ومنعه من دخول الهيكل فتاب ورجع عن ذلك ثم عاد بعد مدة إلى تلك المقالة فمنعوه من الدخول إلى المجمع فخرج من حران فلما قدم محمد بن موسى من بلاد الروم راجعاً إلى بغداد اجتمع به فرآه فاضلاً فصيحاً فاستصحبه إلى بغداد فأولد بها أولاداً.وكان له ولد سمي إبراهيم بلغ رتبة أبيه في الفضل وكان من حذاق الأطباء ومقتدى أهل زمانه في صناعة الطب وعالج مرة للسري الشاعر فأصاب العافية فعمل فيه أبياتاً وهي أحسن ما قيل في طبيب: هل للعليل سوى ابن قرة شافي بعد الإله وهل له من كافي مثلت له قارورتي فرأى بها ما اكتن بين جوانحي وشغافي يبدو له الداء الخفي كما بدا للعين بصراً من غدير الضافي قلت: وقد ذكرت في أبيات بيتاً طغى فيه حيث قال: وبئس ما قال. فكأنه عيسى ابن مريم ناطقاً يهب الحياة بأيسر الأوصاف ومن حفدة ثابت المذكور: ثابت بن سنان بن ثابت بن قرة وكان ببغداد في أيام معز الدولة ابن بابويه. وكان طبيباً عالماً نبيلاً يقرأ عليه كتب أبقراط وجالينوس وكان فكاكاً للمعاني سلك مسلك جده في نظرة الطب والهندسة وجميع الصناعات الرياضية للقدماء وما تشتمل عليه الفلسفة. وله تصنيف في التاريخ أحسن فيه. وقد قيل إن الأبيات المذكورة أولاً من نظم الزنجي السري عملها فيه والله سبحانه وتعالى أعلم. والحراني نسبة إلى حران وهي مدينة مشهورة بالجزيرة. وذكر ابن جرير الطبري في تاريخه أن هاران عم إبراهيم الخليل صلى الله عليه وآله وسلم عمرها فسميت بإسمه ثم إنها عربت فقيل: حران. وهاران المذكور أبو سارة زوجة إبراهيم عليه السلام. وكان لإبراهيم أخ يسمى هاران أيضاً وهو أبو لوط صلوات الله على نبينا وعليه وعلى جميع النبيين. قال في الصحاح: حران اسم بلد وهو فعال ويجوز أن يكون فعلان فالنسبة إليه حرناني على غير قياس والقياس حراني على ما عليه العامة. فيها توفي المعتضد أبو العباس أحمد بن الموفق وولي عهد المسلمين أبو أحمد طلحة بن المتوكل جعفر بن المعتصم العباسي تغير مزاجه من إفراط الجماع وعدم الحمية في مرضه. قلت: وقد ذكرت في آخر المجلد الثاني من كتاب المرهم شيئاً مما جرى له في مرضه المذكور وما عولج به وما لاقى بعد إخراجه من التنور الموقد بحطب الزيتون. ولم يكن في اللبث فيه ولا في ترك العود إليه بصبور من أجل اشتداد الحرفية والبرد عند الخروج منه فلما أعيد فيه لأن لموته الحضور وبيان هذا وغيره أوضحته في الكتاب المذكور وكان شجاعاً مهيباً حازماً فيه تشيع. وفيها توفي الحافظ حسين بن محمد العتابي النيسابوري صاحب المسند والتاريخ. وفيها توفي يحيى بن أيوب العلاف المصري صاحب سعيد بن أبي مريم. والحافظ أبو جعفر صاحب سليمان بن حرب.
فيها حاصرت القرامطة دمشق فقتل طاغيتهم يحيى بن زكرويه بالزاي في أوله فخلفه أخوه الحسين صاحب الشامة فجهز المكتفي عشرة آلاف لحربهم عليهم الأمير أبو الأغر في ألف نفس فدخل حلب وقيل تسعة آلاف. ووصل المكتفي إلى الرقة وجهز الجيوش إلى أبي الأغر وجاءت من مصر العساكر الطولونية فهزموا القرامطة وقتلوا منهم خلقاً وقيل: بل كانت الوقعة بين القرامطة والمصريين بأرض مصر وإن القرمطي صاحب الشامة انهزم إلى الشام مر على الرحبة وبقي ينهب ويسبي الحريم حتى دخل الأهواز. وكان زكرويه القرمطي يكذب ويزعم أنه من آل الحسين بن علي رضي الله عنهما. وفيها دخل عبد الله الملقب بالمهدي المغرب متنكراً والطلب عليه من كل وجه فقبض عليه متولي سجلماسة وعلى ابنه فحاربه أبو عبد الله السبعي داعي المهدي فهزمه ومزق جيوشه وجرت بالمغرب أمور هائلة واستولي على المغرب المهدي المنتسب إلى الحسين بن علي وكان باطل الإعتقاد وهو الذي بنى المهدية في المغرب. وفي السنة المذكورة توفي الحافظ أبو عبد الرحمن عبد الله بن أحمد بن حنبل الشيباني كان إماماً خبيراً بالحديث وعلله مقدماً فيه.
فيها نهض جيش من طرسوس فأدخلوا في الروم حتى نازلوا أنطاكية وافتتحوها عنوة وقتلوا وأما القرمطي صاحب الشامة فعظم خطبه والتزم له أهل دمشق بمال عظيم حتى يرحل عنهم وتملك حمص وصار إلى حماة والمعرة فقتل فعظم خطبه وسبى وعطف إلى بعلبك فقتل أكثر أهلها ثم سار فأخذ سلمية وقتل أهلها قتلاً ذريعاً حتى ما ترك بها عيناً تطرف. وجاء جيش المكتفي فالتقاهم بقرب حمص وأسر خلقاً من جنده. وركب هو وابن عمه وآخر واخترقوا ثلاثتهم البرية فمروا بداليه ابن طوق فأنكرهم والي تلك الناحية فقررهم فاعترفهم صاحب الشامة فحملهم إلى المكتفي فقتلهم وحرقهم. وفي السنة المذكورة توفي الإمام علامة الأدب أبو العباس المشهور بثعلب أحمد بن يحيى الشيباني مولاهم الكوفي النحوي صاحب التصانيف المفيدة انتهت إليه رئاس الأدب في زمانه. "قال ابن خلكان " في تاريخه: قال أبو بكر ابن المجاهد المقرىء: قال لي ثعلب: يا أبا بكر اشتغل أصحاب القرآن بالقرآن ففازوا واشتغل أصحاب الحديث بالحديث ففازوا واشتغل أصحاب الفقه بالفقه ففازوا واشتغلت أنا بزيد وعمر وفليت شعري ماذا يكون حالي في الآخرة. قال: فانصرف من عنده فرأيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم في تلك الليلة في المنام فقال لي: أقرىء أبا العباس عني السلام وقل له: أنت صاحب العلم المستطيل. وقال العبد الصالح أبو عبد الله. الرودباري: أراد أن الكلام به يكمل. والخطاب به يحمل وإن جميع صنف " كتاب الفصحاء " وهو صغير الحجم كثير الفائدة و " كتاب إعراب القرآن " و " كتاب القراءات " و " كتاب حد النحو " و " كتاب معاني الشعر " وغير ذلك وهو بضعة عشر صنفاً. وكان إمام الكوفيين في النحو واللغة سمع من ابن الأعرابي والزبير بن بكار وروي عنه الأخفش الأصغر وابن الأنباري وأبو عمر والزاهد وغيرهم. وكان ثقة صالحاً مشهوراً الحفظ وصادق اللهجة والمعرفة بالعربية ورواية الشعر القديم مقداماً عند الشيوخ منذ هو حدث. وكان أبن الأعرابي إذا شك في شيء قال له: ما تقول يا أبا العباس في هذا. لغزارة حفظه. قال ابن الأخباري: أنشدني ثعلب. إذا كنت قوة النفسى ثم هجرتها فلم تلبث النفس التي أنت قوتها ستبقى بقاء الضب في الماء أو كما يعيش لدى ديمومة البيت حوتها قلت: هكذا حكاه عنه ابن خلكان. والذي نعرفه: " لو كما يعيش ببيداء المفاوزة حوتها ". وكان سبب وفاته أنه خرج يوم الجمعة من الجامع بعد العصر وكان قد لحقه صمم لا يسمع إلا بعد تعب شديد فكان في يده كتاب ينظر فيه في الطريق فصدمته فرس فألقته في هوة فأخرج منها هو كالمختلط فحمل إلى منزله وهو على تلك الحال وهو يتأوه من رأسه فمات ثاني يوم. " والشيباني " نسبة إلى شيبان حي من بني بكر بن وائل. وفيها توفي مقرىء أهل دمشق هارون بن موسى المعروف بالأخفش صاحب ابن ذكوان وفيها توفي قنبل قارىء أهل مكة عبد الرحمن المخزومي مولاهم المكي.
فيها خرج صاحب مصر هارون بن خمارويه الطولوني عن الطاعة فسارت جيوش المكتفي بحربه ووقعت لهم وقعات ثم اختلف أمراء هارون واقتتلوا. فخرج ليسكنهم فجاءه سهم فقتله. ودخل الأمير محمد بن سليمان قائد جيش المكتفي فتملك الأقليم واحتوى على الخزائن وقتل من آل طولون بضعة عشر رجلاً وحبس طائفة وكتب بالفتح إلى المكتفي وقيل إن هارون هم بالمضي إلى المكتفي فامتنع عليه امراؤه وسجنوه فأبى فقتلوه غيلة. وفيها توفي أبو مسلم إبراهيم بن عبد الله البصري الحافظ صاحب السنن ومسند الوقت وقد قارب المائة أو كملها وكان محدثاً حافظاً محتشماً كبير الشأن قيل إنه لما فرغوا من سماع السنن عليه عمل لهم مائدة غرم عليها ألف دينار وتصدق بجملة منها. ولما قدم بغداد ازدحموا عليه حتى حزر على مجلسه بأربعين ألفاً وزيادة. وكان في المجلس سبعة مبلغون كل واحد يبلغ الآخر. وفيها توفي محدث واسط الحافظ أبو الحسين أسلم بن سهل.وقاضي القضاة أبو خازم عبد المجيد بن عبد العزيز الحنفي من القضاة العادلة له أخبار ومحاسن. ولما احتضر كان يقول: يا رب من القضاء إلى القبر ثم يبكي. وفيها توفي الإمام أبو العباس محمد بن أحمد الهروي كان فقيهاً محدثاً صاحب تصانيف. رحل إلى الشام والعراق وحدث عن أبي حفص الفلاس " بالفاء " وطبقته رحمه الله تعالى. وفيها توفي يحيى بن منصور أبو سعيد الهروي أحد الأئمة في العلم والعمل حتى قيل: إنه لم ير مثل نفسه رحمه الله تعالى.
وفيها عاثت القرامطة بالشام وقتلوا وسبوا وبدعوا " بحوران " و " طبرية " و " بصرة " ودخلوا " السماوة " وطلعوا إلى " هيت " واستباحوها ثم وثبت هذه الفرقة الطاغية على زعيمها أبي غانم فقتلوه ثم جمع رأس القوم زكرويه جموعاً ونازل الكوفة وقاتله أهلها ثم جاءه جيش الخليفة فالتقاهم وهزمهم ودخل الكوفة يصيح قومه يا ثارات الحسين يعنون: صاحب الحال الذي من شامة ولد زكرويه. وفيها توفي عبدان بن محمد بن عيسى المروزي وكان فقيهاً علامة في الفقه وغوامضه زاهداً عابداً. وفيها توفي عيسى بن محمد المروزي اللغوي كان إماماً في العربية روى عن إسحاق بن راهويه وهو الذي رأى بخوارزم المرأة التي بقيت نيفاً وعشرين سنة لا تأكل ولا تشرب.قلت: وذكر الشيخ المشكور الولي المشهور صفي الدين بن أبي المنصور أن امرأة بجيزة مصر أقامت ثلاثين سنة لا تأكل ولا تشرب في مكان واحد لا تتألم بحر ولا برد. وفيها توفي محمد بن أسد المديني أبو عبد الله الزاهد ويقال أنه مجاب الدعوة عمر أكثر من مائة سنة رحمه الله تعالى. وفيها توفي الحافظ محمد بن عبدوس.أربع وتسعين ومائتين وفيها أخذ ركب العراق زكرويه القرمطي وقتل الناس قتلاً ذريعاً وحوى ما قيمته ألف ألف دينار وهلك من الحجيج عشرون ألف إنسان ووقع البكاء والنوح في البلدان وعظم هذا على المكتفي فبعث الجيش لقتاله فالتقوا فأسر زكرويه وخلق من أصحابه وكان مجروحاً فمات وأراح الله منه بعد خمسة أيام وحمل ميتاً إلى بغداد وقتل أصحابه ثم أحرقوا وتمزق أصحابه في البرية. وفيها توفي الحافظ الكبير أبو علي صالح بن محمد الأسدي البغدادي محدث ما وراء النهر نزل بخارى وليس معه كتاب فروى به الكثير من حفظه رروى عن سعدويه الواسطي وعلي بن الجعد وطبقتهما ورحل إلى الشام ومصر والنواحي وصنف وخرج وعدل. وكان صاحب نوادر ومزاح. وفيها توفي الإمام إسحاق بن راهويه روى عن أبيه وعلي بن المديني. وفيها توفي الحافظ أيوب بن يحيى البجلي الرازي محدث الري يوم عاشوراء وهو في عشر المائة. وفيها توفي الإمام أحد الأعلام محمد بن نصر المروزي وكان رأساً في الفقه والحديث والعبادة. روي أنه كان يقع الذباب على أذنه وهو في الصلاة فيسيل الدم ولا يذبه كان ينتصب كأنه خشبة. وقال الشيخ أبو إسحاق الشيرازي: كان من أعلم الناس بالإختلاف وصنف كتباً وقال شيخه في الفقه محمد بن عبد الله بن عبد الحكم: كان محمد بن نصر عندنا إماماً فكيف فيها توفي الإمام موسى بن هارون أبو عمران البغدادي الحافظ كان إمام وقف في حفظ الحديث وعلله وقال بعضهم: ما رأيت في حفاظ الحديث أهيب ولا أورع من موسى بن هارون.
فيها توفي الحافظ أحد أركان الحديث إبراهيم بن أبي طالب النيسابوري.قال بعضهم: إنما أخرجت نيسابور ثلاثة: محمد بن يحيى ومسلم بن الحجاج وإبراهيم بن أبي طالب. وفيها توفي إبراهيم بن معقل قاضي نسف وعالمها ومحدثها وصاحب التفسير والمسند وكان بصيراً إماماً بالحديث عارفاً بالفقه والإختلاف. روى الصحيح عن البخاري. وفيها توفي الحكم بن معبد الخزاعي الفقيه مصنف " كتاب السنة " بأصبهان وكان من كبار الحنفية وثقاتهم. وفيها توفي أبو علي بن عبد الله بن محمد الحافظ أحد أركان الحديث مصنف التاريخ والعلل. وفيها توفي المكتفي بالله أبو الحسن علي بن المعتضد أحمد بن موفق بن المتوكل بن المعتصم بن هارون الرشيد العباسي وكان جميلاً وسيماً بديع الخلقة معتدل القامة دري اللون أسود الشعر استخلف بعد أبيه وكانت دولته ست سنين ونصفاً وولي بعده أخوه المقتدر وله ثلاث عشرة سنة وأربعون يوماً ولم يل أمر الأمة صبي قبله. وفيها توفي عيسى بن مسكين قاضي القيروان وفقيه المغرب أخذ عن سحنون وعن الحارث بن مسكين وكان إماماً ورعاً خاشعاً متمكناً من الفقه والآثار ومستجاب الدعوة يشبه بسحنون في سمته وهديه. أكرهه ابن الأغلب الأمير على القضاء فولي ولم يأخذ رزقاً وكان يركب حماراً ويتسقي الماء لبيته. وفيها توفي الإمام أبو جعفر محمد بن أحمد الترمذي كبير الشافعية في العراق قبل ابن شريح وكان زاهداً ناسكاً قانعاً باليسير. قال الدارقطني: لم يكن للشافعية بالعراق أرأس ولا أورع منه وكان صبوراً على الفقر حدث عن جماعة كثيرة منهم يحيى بن بكير المصري وروى عنه جماعة منهم أحمد بن كامل وكان ثقة من أهل العلم والفضل والزهد في الدنيا والتقلل في المطعم على حال عظيمة فقراً وورعاً وصبراً.روى بالإسناد أنه كان يقوت في سبعة عشر يوماً خمس حبات أو ثلاث حبات فقيل له: كيف عملت فقال: لم يكن عندي غيرها فاشتريت بها لفتاً فكنت آكل كل يوم واحدة. لا يسأل أحداً شيئاً وكان يقول: تفقهت على مذهب أبي حنيفة فرأيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم في مسجد المدينة عام حججت فقلت: يا رسول الله تفقهت بقول أبي حنيفة فآخذ به فقال: لا فقلت: آخذ بقول مالك بن أنس. فقال: خذ منه ما وافق سنتي قلت: فآخذ بقول الشافعي. فقال: ما هو يقوله.إلا أنه أخذ بسنتي ورد علي من خالفها قال: فخرجت في أثر هذه الرؤيا إلى مصر وكتبت كتب الشافعي. هكذا ذكره جماعة من أهل الطبقات والتواريخ منهم الشيخ الإمام أبو إسحاق الشيرازي والقاضي الإمام ابن خلكان. وقال الدارقطني: هو ثقة مأمون ناسك. وكان يقول: كتبت الحديث تسعاً وعشرين سنة. وفيها توفي الحافظ أبو بكر محمد بن إسماعيل الإسماعيلي أحد المحدثين الكبار بنيسابور.له تصانيف موجودة ورحلة واسعة.
|